زيارة نبي الله هود

تُعد زيارة نبي الله هود عليه السلام من أهم المناسبات الدينية والاجتماعية في حضرموت، حيث تُقام سنويًا في شِعب هود خلال شهر شعبان


زيارة نبي الله هود عليه السلام في حضرموت

تُعد زيارة نبي الله هود عليه السلام من أهم المناسبات الدينية والاجتماعية في حضرموت، حيث تُقام سنويًا في شِعب هود خلال شهر شعبان، والتي تمتد على عدة أيام، ويشارك فيها الآلاف من الزوار من مختلف المناطق.

التحضيرات قبل الزيارة

تبدأ التجهيزات مبكرًا من خلال مجالس الذكر والمحاضرات الدينية التي تحث الناس على الاستعداد الروحي لهذه الزيارة، في ليلة السابع والعشرين من رجب، تُعلن الدعوة الرسمية للزيارة فيما يُعرف بـ “ليلة الإشهار”، وهي ليلة روحانية يردد فيها الحاضرون الأناشيد مثل : “يا ليلة السعد عودي”، وتبدأ التهاويد التي تستمر حتى موعد الزيارة .

يوم الخامس من شعبان يُعرف باسم “يوم الفصل” أو “يوم الحناء”، وهو يوم مخصص لتحضير الجمال التي ستنطلق في الرحلة، تُزخرف الجمال، وتُبخر بالبخور، ويُطلق أصحابها أسماء مميزة عليها، في أجواء احتفالية تشارك فيها الأسر والأطفال .

في صباح السادس من شعبان، يقام المسراح السنوي للجمال، حيث تبدأ قوافل الركاب من مختلف حارات مدينة تريم في التحرك نحو الشعب، وسط زوامل وأناشيد تعكس الحماس لهذه المناسبة .

بداية الرحلة وزيارة الأولياء قبل الوصول إلى الشعب

قبل الوصول إلى شِعب هود، هناك ترتيب خاص لزيارة نبي الله هود كما هي عادة السلف آل باعلوي في تريم وفق الترتيب التالي :

  • تربة بشار : زيارة سيدنا الفقيه المقدم ومن حوله من الأولياء والصالحين، حيث تُرتب الفواتح، ويُتوجه بالدعاء لتسهيل الزيارة ونيل البشارة. والتحرك إلى بلدة عينات .
  • بلدة عينات : لزيارة مقام الشيخ أبي بكر بن سالم وأولاده، حيث تُقرأ الفاتحة، ثم التحرك إلى منطقة قَسَم.
  • منطقة قَسَم : زيارة الحبيب أحمد الشهيد بن الفقيه المقدم في منطقة العجز، وزيارة مقدم تربة المصف، قبل متابعة المسير إلى الشعب .

يصل الزوار إلى شِعب نبي الله هود في اليوم السابع من شهر شعبان، وكعادتها في كل زيارة، يحرص الزائرون كبارًا وصغارًا على الاغتسال في النهر القريب من قبر النبي أو الوضوء بمائه أو الشرب منه، تعبيرًا عن التبرك والاستعداد الروحي، بعد الانتهاء من الغسل والسقيا، يتأهب الجميع استعدادًا لانطلاق الزيارات الرسمية .

اليوم الثامن من شعبان

في هذا اليوم، تقام زيارتان رسميتان :

  • زيارة آل أحمد بن زين الحبشي : تُقام في وقت الضحى، وهي نسبة للحبيب أحمد بن زين الحبشي صاحب الحوطة .
  • زيارة آل الحبشي : تُقام في العصر، وهي نسبة للحبيب علي بن محمد الحبشي صاحب سيئون .
  • كما تقام “روحة” بخدر الحبيب علوي بن عبد الله بن الشيخ شهاب الدين في أول العصر .

اليوم التاسع من شعبان

  • زيارة آل بلفقية (زيارة الفتح): تُقام في الضحى، وتنسب للحبيب عبد الرحمن بن عبد الله بلفقيه المشهور بـ “علامة الدنيا”.
  • زيارة آل الحداد : تُقام قبل الظهر مباشرة، وتنسب للإمام عبد الله بن علوي الحداد .
  • زيارة مسجد بني علوي : تُقام عصرًا، وتنسب للحبيب حامد بن عمر حامد باعلوي .

اليوم العاشر من شعبان (ذروة الزيارة والتسليم على النبي هود)

يُعد هذا اليوم الأهم في الزيارة، حيث يحتشد آلاف الزوار عند قبر النبي هود عليه السلام، ويُقام مجلس كبير للدعاء وقراءة سورة هود، وسط أجواء روحانية عميقة .

  • زيارة آل شهاب الدين : تُقام في الضحى، وتنسب للحبيب أحمد شهاب الدين بن عبد الرحمن بن الشيخ علي .
  • زيارة آل الشيخ أبي بكر : تُقام قبل الظهر، وهي أكبر الزيارات، وتنسب للشيخ أبي بكر بن سالم مولى عينات .
  • في السابق، كانت هناك أيضًا زيارة منسوبة للإمام محمد جمل الليل .

تتخلل هذه الأيام مجالس وعظ ومدائح نبوية، وأذكار وموالد، كما يزداد النشاط في السوق الشعبي، حيث يتوافد الزوار على شراء الهدايا والتذكارات .

العودة والاحتفالات الختامية

عند بدء رحلة العودة، يردد الزوار الشعار الشهير :
“زرنا وقد رجعنا – عسى القبول معنا”

يحرص الجميع على اقتناء الهدايا من السوق الشعبي، والتي تشمل الكعك المحلي، والمساويك، والفحيط (السمسم)، والثياب التقليدية، والألعاب التذكارية .

عند مدخل مدينة تريم، يُقام سباق الهجن الأخير، حيث يتسابق الفرسان والجمال في احتفالية ختامية تعكس روح التقاليد العريقة .

في الماضي، كان سيدنا شهاب الدين، الذي تُعتبر زيارته الثانية في الأهمية بعد زيارة آل الشيخ أبوبكر، يتوجه إلى منطقة اللسك لاستقبال العائدين من زيارة النبي هود، وعندما كبر في السن، كان يقف تحت بيته في المجف قائلًا :
“من بشرنا بولد سالم بن عبد الله وجميع الزوار بعافية، فأنا ضمينه غدًا بالجنة”
ولهذا، كان الزوار يسرعون في العودة لنيل ضمانته .


المرجع :

قناة أهل الوداد