عالم جليل وأديب كبير وشاعر مرموق ولد بسورابايا سنة 1288هـ وأرسله والده إلى مكة سنة 1295هـ ونشأ وتلقى العلم بها وحفظ القرآن وهو في العاشرة من عمره، وجوَّد القرآن على الشيخ محمد الشربيني وعلى شيخ القراء المرحوم الشيخ يوسف أبو حجر، وقرأ تفسير الجلالين وجامع مسلم وأبي داود والنسائي على الشيخ عبد الرحمن الهندي الحيدر آبادي وعلى شيخ العلماء ومفتي الشافعية وجامع مسلم وأبي داود على الشيخ محمد سعيد بابصيل وقرأ النحو على السيد عمر شطا وعلى الشيخ عبد الرحمن بابصيل ثم قرأ على والده. ثم قرأ على السيد أبي بكر بن عبد الرحمن بن شهاب الدين في سنغافورا سنة 1317هـ .

وفي سنة 1318 هـ سافر به أبوه إلى بلد (جامبي) من سومطرا وكان ملكها إذ ذاك السلطان طه سيف الدين، وكان السيد عيدروس بن حسن بن علوي الجفري حاكما على جامبي وما حولها، فطلب هذا الوزير من السيد زين العابدين أن يزوج السيد عقيل بابنته لما رآه فيه من سعة العلم وحسن الأخلاق، فتزوجها السيد عقيل إرضاء لوالده، وطلبه السلطان أن يحضر إليه ليراه، فقدم إليه فاحتفل به احتفالًا عظيمًا، وولّاه أعلى رتبة دينية تعادل رتبة شيخ الإسلام فقبلها وهو لها كاره، وبعد سنتين اشتعلت الحرب بين السلطان طه وحكومة هولندا فأمره أبو زوجته بالرحيل إلى مكة مدة الحرب فسافر إليها، وانتهت الحرب واستولت هولندا على جامبي بعد حرب عظيمة .
رحل إلى تركيا والتحق بجامعة اسطنبول كلية الطب لمدة 3 سنوات، وأجاد اللغة التركية إجادة تامة تكلمًا وكتابة وخطابة، كما يحسن اللغة الألمانية، غادر بعد ذلك اسطنبول متنقلًا إلى الحجاز وبلدان أوربا والهند وشرق آسيا، ثم استقر في جاوا سنة 1339هـ وعكف على الإرشاد والوعظ والتأليف والكتابة .
والسيد الجفري من طلائع المجاهدين والمكافحين ضد الاستعمار الهولندي والمدافعين عن المستضعفين بقلمه وماله ولسانه ونفسه، قاوم الاستعمار الهولندي مقاومة فعالة أقلقت الهولنديين المستعمرين، فاعتقلته السلطات الهولندية الحاكمة وسجنته عام 1347هـ وأوعزت إلى عملائها بإشعال النار في منزله .
أفنى أمواله وممتلكاته التي ورثها من والديه في الإنفاق على الفقراء وفي سبيل الدعوة الإسلامية والدفاع عن المستضعفين وفي المشاريع الإصلاحية العامة والتبرعات للجمعيات الخيرية، كما ساهم في تأسيس المطابع العربية عام 1921م بمدينة سورابايا .
له مساجلات خاصة مع الشيخ الزواوي أحد العلماء الأعلام البارزين في مكة المكرمة في مسائل وشؤون إسلامية عامة وهي شبيهة بكتاب المراجعات للسيد الموسوي ومكاتباته مع شيخ الأزهر سليم البشري، ومجموعة من المكاتبات مع علماء ورجال العالم الإسلامي، ومجموعة خاصة لرسائله المتبادلة بينه وبين السيد العلامة محمد بن أحمد المحضار، تطرق فيها للأمور السياسية في مقاومة الاستعمار الهولندي وأحوال المسلمين المستضعفين، ونظريته في الأمور الاجتماعية وكيفية إصلاحها .
أما أخلاقه فإنه كان لا يعرف الكبر والحسد والبخل ولا يحقد حتى على أعدائه، سريع الرضى كثير العفو عمن يسيء إليه، وكان يزور الضعفاء والفقراء فيحسن إليهم سرًا كما كان عضدًا متينًا لبعض المدارس والصحف الوطنية .
وهو على سعة علمه وسمو مكانته في المجتمع يتحاشى الظهور ويميل إلى الدعة والبساطة فهو متواضع يستقبل الناس أحسن استقبال يبش للجميع ولا يفرق بين الناس فكلهم في نظره سواسية .
توفي بمدينة سورابايا عام 1372هـ.
المراجع :
مركز العريضي للدراسات والنشر | اليمن – حضرموت