يستعمل القرآن الكريم بنية الكلمة استعمالاً في غاية الدقة والجمال :
فمن ذلك استعمال الفعل والاسم :
أن الفعل يدل على الحدث والتجدد |
والاسم يدل على الثبوت والاستقرار |
تقول : هو يتعلم وهو متعلم، فـ (يتعلم) يدل على الحدوث والتجدد أي : هو آخذ في سبيل التعلم بخلاف : (متعلم) فإنه يدل على أن الأمر تم وثبت وأن الصفة تمكنت في صاحبها .
ومثله : هو يحفظ وهو حافظ، فـ (يحفظ) يدل على الحدوث والتجدد و(حافظ) يدل على ثبات الأمر واستقراره في صاحبه ومثله : هو يجتهد و مجتهد .
وربما كان الأمر لم يحدث بعد ومع ذلك يؤتى بالصيغة الاسمية للدلالة على أن الأمر بمنزلة الحاصل المستقر الثابت، وذلك نحو قولك : أتراه سيفشل في مهمته ؟ فتقول : هو فاشل، وذلك لوثوقك بما قررته أي : كأن الأمر تم وحصل وإن لم يحدث فعلاً .
ومن هذا الضرب قوله تعالى : ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) [ البقرة]. فهو لم يجعله بعد ولكن ذكره بصيغة اسم الفاعل للدلالة على أن الأمر حاصل لا محالة فكأنه تم واستقر وثبت .
ومثله قوله تعالى لنوح عليه السلام : ﴿ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ ﴾ [هود] فلم يقل : سأغرقهم أو إنهم سيغرقون، ولكنه أخرجه مخرج الأمر الثابت أي : كأن الأمر استقر وانتهى .
ومثله قوله تعالى في قوم لوط عليه السلام : ﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ) [العنكبوت] ولم يقولوا : سنهلك، فذكرها بالصيغة الاسمية للدلالة على الثبات أي : كأن الأمر انتهى وثبت .
المرجع :
التعبير القرآني للدكتور فاضل صالح السامرائي