بـسم االله الـرحمـن الـرحـيم
الحـمد الله رب الـعالمين وصـل االله على سـيدنـا محـمد وآلـه وصـحبه أجمعين، مـن المـقرر عـند أهـل الـعلم كـافـًة أن تـأخير الـبيان عـن وقـت الحـاجـة لا يجـوز، تـأخير الـبيان عـن وقـت الحـاجـة لا يجـوز، وكثير مـن الإخـوة الأكـارم يحـتاج إلى بـيان مـعنى الإجـازة ومـعنى السماع وإلى وضـوح الـتصور لهما، وهـذا أمـر ضروري جداً، قـبل هـذه المـجالـس المـباركـة نـعلم جمـيعًا أن الـنبي عـليه الـصلاة والسـلام قـد تـلقى عـنه الـصحابـة رضي الله تـعالى عـنهم، تـلقوا عـنه سماعًا بـآذانهـم ورؤيـة بـأبـصارهـم، ثـم جـاء الـتابـعون رضي الله تـعالى عـنهم فتحـملوا عـن الـصحابـةرضي الله تـعالى عـنهم سماعا بـآذانهـم، ثـم جـاء عصر الـتابعين وبـدأ الـتدويـن، وبـدأ الـتصنيف، وبـدأت الـكتب تـدون، فـبدأت طـريـقة جـديـدةمـن طـرق تحـمل الـعلم وهـي الـقراءة على الـعالم، الصحابة سمعوا والتابعون سمعوا .
ثـم ظهـرت الـقراءة على الـعالم فـصار لـديـنا طـريـقتان في تحـمل الـعلم السماع والـقراءة، واخـتلف العلماء مـن هـو الأفضل منهما، فمنهم من قال هما سواء، ومنهم من فضل السماع، ومنهم من فضل القراءة .
ولمـا كـثرت الـكتب وطـالـت وصـارت سـلاسـل الأسـانـيد كلما تـأخـر الـزمـان قـرنـا زاد في الإسـناد رجـل أو زاد في الإسـناد رجـلان، فـصارت الـكتب طـويـلة والأوقـات ضـيقة، فـهنا بـدأ العلماء في طـريـقة جـديـدة في تحـمل الـعلم وهـو مـناولـة الـكتاب، أن يـعطي الشـيخ طـالـبه تـلك الأوراق الـتي فـيها عـلمه دون أن يـقرأهـا عـليه ودون أن يـسمعها مـنه، فـيقول هـذا كـتابي وقـد يـقول لـه مـع ذلـك هـذا كـتابي أرويـه عـني، يـعني اجـاز لـه وسـمح لـه أن يرويه عنه بدون سماع وبدون قراءة لوثوقه بطالبه، أذن له بالرواية عنه .
فـصار لـديـنا أربـع طـرق لتحـمل الحـديـث : السماع، والـقراءة، والمـناولـة، والاجـازة الـتي هـي إذن بـالـروايـة دون سماع ودون قـراءة، بـعض العلماء في الـصدر الأول رضي الله تـعالى عـنهم قـالـوا هـذه الاجـازة بـاطـلة لا فـائـدة مـنها، لـو صـحت الاجـازة لـبطلت الـرحـلة، لم يحـتاج طـلاب الـعلم إلى الـرحـلة مـن مـكان إلى مـكان كـي يـسمعوا مـن العلماء وكـي يحـصلوا الـعلم، لـكن مـع بـعد الـزمـان وضـعف الامـر بـدأ الـقائـلون بـالاجـازة يـكثرون قـليلا قـليلا، وطـالـت الـكتب أكـثر، وصـارت الحـاجـة إلى الاجـازة الـح، فـتوسـع العلماء في الاجـازة، يـعني الإذن لـلطلاب بـالـروايـة دون السماع ودون الـقراءة، لـكن كـانـوا يشـترطـون أن تـكون نـسخة الـطالـب مـطابـقة لـنسخة الشـيخ، هـذا هـو المـنصوص عـليه في كـتب عـلوم الحـديـث، لـكن مـع تـأخـر الـزمـان أكـثر تخلى العلماء عـن تـلك الشروط الـصارمـة، وذلـك محـافـظة على اتـصال السـلاسـل بـرسـول االله صلى االله عـليه وسـلم إذا الأمـر هـو المـحافـظة على تـلك السـلسلة أن تـكون مـتصلة بـالـنبي صلى االله عـليه وسـلم بـوجـه مـن الـوجـوه، لـذلـك أعلى طـرق التحـمل هـي السماع، إذا سـمعت مـن شـيخك، دون ذلـك الـقراءة على شـيخك، دون ذلـك المـناولـة المقرونة بالاجازة، دون ذلك الاجابة التي هي إذن دون سماع ودون قراءة .
حـرص العلماء على اسـتمرار السماع فـكان يـأتي بـعض العلماء يـفعلون مـثل هـذه المـجالـس المـباركـة لـكن مـاكـان في بـث وغير بـث وكـان يقتصر على الحـاضرين، فـكانـوا مـع هـذه المـجالـس يسـتحبون في آخـرهـا الاجـازة لـلحاضرين، يـعني حـتى يجـمعوا بين طـريقتين بين طـريـقة السماع مـن الشـيوخ الـقراءة عـليهم وبين الاجـازة، مـا فائدة الاجازة هنا ؟
قـال ابـن عـتاب رحمـه االله تـعالى لا غـنى في السماع عـن الاجـازة، فـائـدة الاجـازة إذا نـعس أحـدهـم، إذا غـاب فـهم كـلام الـقارئ عـن أحـدهـم، إذا قـام أحـدهـم لـيتوضـأ، إذا تـكلم أحـد مـع صـديـقه، إذا سـها أحـدهـم أي خـلل يحـصل في هـذا السماع تجبره الاجـازة، الاجـازة جـابـرة وليسـت هـي الاصـل، الاصـل مـا هـو ؟
السماع تـأتي الاجـازة لجبره، لـذلـك مـن فـاتـه عشر أحـاديـث مـن فـاتـه خمـسة، مـن ذهـب يـتوضـأ، مـن ذهـب يقضي حـاجـة، هـذا كله مجبور بماذا ؟ بماذا يجبر ؟ بالاجازة .
هل الاجازة أعلى من السماع ؟ هل السماع وسيلة للحصول على الاجازة ؟
لا، السماع أعلى مـن الاجـازة، حـتى لا نـتصور هـذا المـعنى الـذي يـدور في أذهـان كثير مـن الـطلاب يـظنون الاجـازة شيء عـظيم جـداً لا يـنال إلا بـالسماع، هـذا لا يـوجـد في عـلوم الحـديـث، هـذا يـوجـد في قـراءة الـقرآن الكريم .
لأن الاجـازة في الـقرآن الـكريـم تخـتلف، تحـمل معنيين مـعنى : أن الشـيخ يشهـد أن الـطالـب قـراءتـه سـليمة،
والمعنى الثاني : أن الشيخ يأذن لطالبه بالاقراء، هذا معنى الاجازة في القرآن الكريم .
أمـا مـعنى الاجـازة في الحـديـث الشريف : فـهو الإذن مـن الشـيخ لـلطالـب أن يـروي عـنه مـرويـاتـه، بـعض العلماء يتشـددون في هـذه الاجـازة، وبـعض العلماء يـتساهـلون فـيها ويـفتحون بـابهـا على مصراعـيه، فهـذا راجـع إلى كـل عالم وذوقه في التوسع وفي التخفف شرط الاجازة أن يكون الطالب ثقة عند المجيز .
لـذلـك مـن الإحـراج أن تـطلب اجـازة عـامـة بـالمـعقول والمـنقول والـفروع والاصـول ومـاكـان ومـا سـيكون مـن شـخص لا يـعرفـك حـقيقة، بهـذا تـتميع المـعاني وتـذهـب الحـلاوة، إذا كـان هـناك وعـاء فـيه شراب حـلو طـيب مـبارك إذا زدتـه مـاء كثيراً تـذهـب حـلاوتـه فهـذا مـعنى الاجـازة، لـذلـك لا يـعني نـتصور أن الاجـازة شيء أعلى من ماذا ؟ من السماع، من سمع فهو أعلى الطرق للتحمل الاجازة التي تحصلون عليها إن شاءالله تـعالى هـي تبركاً بـأثـر هـؤلاء العلماء الأفـاضـل الـذيـن عـندكـم، فهـذا كـشهادة الشـيخ على صـحة السماع وهـي جبر لأي خلل يحصل في أثناء القراءة أو في أثناء السماع .
نـسأل االله تـعالى لـنا ولـكم الـتوفـيق والأخـلاص والـقبول وحـسن الخـتام، جـزى الله عـنا سـيدنـا محـمداً صلى الله عـليه وسـلم مـا هـو أهـله، جـزى الله عـنا سـيدنـا محـمداً صلى الله عـليه وسـلم مـا هـو أهـله، جـزى الله عـنا سـيدنـا محمداً صلى الله عليه وسلم ما هو أهله .
بسم الله الرحمن الرحيم ( وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) )