مسجد المحضار

مسجد المحضار يعتبر من أهم معالم مدينة تريم، ومئذنته الشهيرة تحفة معمارية فريدة في العالم ومعلم من معالم العمارة الطينية التقليدية في حضرموت وهي رمز لمدينة العلم والعلماء تريم الحضارة والتاريخ، وما يميز مئذنة المحضار هو شكلها المربع البديع والرائع الذي يتناقص تدريجياً بالارتفاع، يبلغ طول المئذنة ( 40 متر – 175 قدم ) وليس…


مسجد المحضار يعتبر من أهم معالم مدينة تريم، ومئذنته الشهيرة تحفة معمارية فريدة في العالم ومعلم من معالم العمارة الطينية التقليدية في حضرموت وهي رمز لمدينة العلم والعلماء تريم الحضارة والتاريخ، وما يميز مئذنة المحضار هو شكلها المربع البديع والرائع الذي يتناقص تدريجياً بالارتفاع، يبلغ طول المئذنة ( 40 متر – 175 قدم ) وليس لها شبيه في الطول، وهي من أشهر المآذن ليس على مستوى حضرموت فقط وإنما على مستوى اليمن والعالم، وقد مر على بنائها أكثر من 100 عام .

أسس المسجد الإمام عمر بن عبدالرحمن المحضار، وقد عمره وصممه على ذلك الطراز الفريد الإمام العلامة السيد أبوبكر بن عبد الرحمن بن شهاب الدين، وقام بالبناء المعلم المعماري الحضرمي – عوض سلمان بن عفيف التميمي .

مر مسجد المحضار بثلاث مراحل للبناء والعمارة وهي :

العمارة الأولى : كانت تقريباً عام 833 هجرية وهي مرحلة التأسيس للمسجد على يد الإمام عمر المحضار بن عبد الرحمن السقاف ومن هنا جاءت التسمية للمسجد (مسجد المحضار) وكانت مساحة المسجد صغيرة حوت الحمام الجنوبي(مكان أو كنين الصلاة) وميضأة للوضوء (جابية) وحفرت للمسجد بئر .

العمارة الثانية : توسع المسجد وشمل الحمام الشمالي وبنيت للمسجد مئذنة مدورة (اسطوانية الشكل) وموقعها اليوم صندوق الصدقة في وسط المسجد .

العمارة الثالثة والأخيرة : فكانت على يد المعماري عوض سليمان عفيف وإخوانه خميس وحميد وعبيد فقد توسع المسجد شرقاً وتم عمل الضاحي (الجزء المكشوف من المسجد). وبنيت للمسجد المئذنة الحالية مربعة الشكل (هرمية) ذات سبعة طوابق تنتهي بغرفة المؤذن .

وكان بدء العمل بالمسجد في شهر محرم عام 1331 هجرية وتم الانتهاء من بناء المئذنة والتشطيب للمسجد في شهر رجب 1333 هجرية .

تعريف بمؤسس المسجد

الإمام العالم وشيخ التربية عمر بن عبد الرحمن المحضار، ولد بمدينة تريم في حضرموت، ونشأ مع إخوته تحت رعاية أبيه عبد الرحمن السقاف، فحفظ القرآن العظيم، وحقق علوم عصره واعتنى بكافة مراتب المعرفة المتداولة آنذاك، ثم رحل في سبيل طلب العلم والانتفاع بالعلماء إلى جهات عديدة في حضرموت واليمن وفي الحجاز، وكان أول بروز له من خلال مجاهداته الطويلة واشتهاره بذلك، ثم بتصدره للتدريس مبكراً واحتشاد العلماء والفقهاء لسماع كلامه .
ومن أجل مشايخه في العلوم وتحقيق الفهوم بعد والده عبد الرحمن بن محمد السقاف، أبو بكر بن محمد بلحاج بافضل ومن في مرتبته، وصحب جمل من أهل التجريد والتصوف فانتفع بهم .

تلاميذه

اتسعت دائرة الأخذ والتلقي عن الشيخ عمر المحضار، وانتفع بعلمه المئات من كافة الأمصار، وتخرج به علماء كبار منهم :

ابن أخيه عبد الله بن أبي بكر العيدروس، ابن أخيه علي بن أبي بكر السكران، ابن أخيه أحمد بن أبي بكر السكران، محمد بن عبد الله بن علي باعلوي، أحمد بن عمر بن علي باعلوي، أحمد بن محمد باعباد، عبد الله بن علي باحرمي، محمد بن علي بازغيفان، وغيرهم .

أعماله

ذكرت التراجم أن الشيخ عمر المحضار كان في تلك المرحلة أكثر السادة بني علوي أملاكًا وامتلاكًا للأراضي ورعايةً لزرعها وغرس نخيلها ومتابعة ثمراتها، ورتب في ناحية الساحل عددًا من السفن الشراعية للعمل في صيد السمك على أن تكون عائداتها للمصالح المرتبة في العلم والدعوة إلى الله وإعانة الفقراء والمحتاجين، وظهر له شأن ومقام من خلال انتشار سمعته في الآفاق، فكانت تُرسل إليه الأموال الكثيرة فيصرفها على الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام، ويؤثر بيوت الأشراف بأفضل المأكل والمطعم، ويكرم الوافدين من الغرباء والسائحين للعبادة، كما اعتنى بضبط أحوال المريدين وطلاب العلم والاهتمام بتدريسهم ومعاشهم، وتوسعت في عهده دائرة الاستقبال للغرباء من خارج البلاد .

وقد حث السلطان جعفر بن عبد الله بن علي بن عمر الكثيري أن يتولى السلطنة لما كان يتوسم فيه من الخير وحسن الرأي، وإن كان جعفر بعيدًا عن السياسة مشغولا بالتجارة والاتصال برجال الفضل، ولهذا التشجيع أثره في توليه السلطنة في بلدة بور ثم تولى السلطنة بعده سلالته .

ومن مآثره في تلك المرحلة عمارته للمساجد، منها مسجده المعروف بتريم جامع المحضار، بناه وأوقف عليه نخلًا وعقارًا ومصالح عديدة، وبنى مسجدًا آخر في نواحي الشحر بقرية تسمى عرف، وكان كثيرًا ما يقيم بها عندما يرتحل إلى الساحل، ولذلك اشتهر بصاحب عرف، وله هناك حوطة معمورة وأوقاف ومقام إلى اليوم، كما قام بتجديد ما خرب منها، مثل مسجد باعلوي بتريم، وكان الشيخ عمر قد حوط حوطًا كثيرة، فحول الشحر ثلاث حوط منها حوطة واسط بنواحي الشحر .

وفاته

توفي بتريم يوم الإثنين الثاني من شهر ذي القعدة سنة 833 هـ وهو ساجد في صلاة الظهر، ودفن بمقبرة زنبل بجوار أهله وأسلافه .

ولا يزال المسجد معمورًا بالصلوات وأنواع العبادات والطاعات وتعقد فيه الجموعات الكبيرة في الختومات والمناسبات العظيمة ومنها : ليلة التاسع والعشرون من شهر رمضان، وليلة التاسع من شهر شوال، وأول يوم من شهر رجب بعد صلاة الفجر، وفي يوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول بعد الفجر، وفي يوم عرفة كذلك بعد صلاة الفجر، وغير ذلك من المناسبات ويتصدر تلك المجالس السادة آل شهاب الدين ولهم النضارة عليه ويقصده الزوار والوافدين من شتى البلاد من داخل اليمن وخارجها .

وانشأ الحبيب أبوبكر العدني بن علي المشهور قصيدة في ليلة الختم سنة 1438 هـ بعنوان ( ساحات الختم البهيج ) وقال في مطلعها :

………………………………يابهجة الليل في أجلى الختومات
……………………………..إمامنا العلم المحضار من كملت

بمسجد الشيخ مرفوع المقامات
به الطريقة في وادي النخيلات


المرجع :

الإمام الشيخ عمر المحضار، سلسلة أعلام حضرموت 10

مراحل بناء المسجد